سلسلة فقه الصيام ، الدرس العاشر: أحكام الجماع في نهار رمضان ، للدكتور خالد بدير

سلسلة فقه الصيام ، الدرس العاشر: أحكام الجماع في نهار رمضان ، للدكتور خالد بدير
لتحميل الدرس بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الدرس بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الدرس كما يلي:
(سلسلة فقه الصيام) الدرس العاشر: أحكام الجماع في نهار رمضان
جماع الزوجة في رمضان له حالان، إما أن يكون ليلاً، وإما أن يكون نهاراً.
أما الجماع في الليل فمباح، (والليل من أول غروب الشمس إلى طلوع الفجر).
وقد كان الحكم في أول الإسلام إباحة الجماع في ليالي رمضان ما لم ينم، فإذا نام حرم عليه الجماع، ولو استيقظ قبل طلوع الفجر، ثم خفف الله تعالى هذا الحكم وأباح الجماع في ليالي رمضان مطلقاً، وقد دل على ذلك قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}. (البقرة: 187). قال السعدي في تفسيره:” كان في أول فرض الصيام، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم الأكل والشرب والجماع، فحصلت المشقة لبعضهم، فخفف الله تعالى عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع، سواء نام أو لم ينم، لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به.
فتاب الله عليكم بأن وسع لكم أمرا كان ـ لولا توسعته ـ موجبا للإثم وعفا عنكم ما سلف، فالآن بعد هذه الرخصة والسعة من الله باشروهن وطأ وقبلة ولمسا وغير ذلك.
وابتغوا ما كتب الله لكم أي: انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى والمقصود الأعظم من الوطء، وهو حصول الذرية وإعفاف فرجه وفرج زوجته، وحصول مقاصد النكاح ” اهـ.
وأما الجماع في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم، فقد أجمع العلماء على تحريمه وأنه من مفسدات الصيام. قال ابن قدامة في المغني: ” لا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا، فِي أَنَّ مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ، أَوْ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ، أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ إذَا كَانَ عَامِدًا، وَقَدْ دَلَّتْ الأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى ذَلِكَ” اهـ.
فالجماع أعظم مفسدات الصيام، فإنه تجب فيه الكفارة. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَكَثَ النبيُّ ﷺ ، فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ أُتِيَ النبيُّ ﷺ بعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – والعَرَقُ المِكْتَلُ – قَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ الرَّجُلُ: أعَلَى أفْقَرَ مِنِّي يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا – يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ – أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِن أهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النبيُّ ﷺ حتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أطْعِمْهُ أهْلَكَ. (البخاري ومسلم).
والكفارة على الترتيب المذكور في الحديث، في قول جمهور العلماء، فيجب العتق أولا، فإن عجز عنه صام شهرين متتابعين، فإن عجز عنه، أطعم ستين مسكينا من أوسط ما يطعم منه أهله، وأنه لا يصح الانتقال من حالة إلى أخرى، إلا إذا عجز عنها.
أما المرأة فعليها القضاء فقط ولا كفارة؛ لأن الرسول ﷺ أمر مَن جامع في رمضان بالكفارة عن نفسه، ولم يأمره أن يخبر زوجته أيضًا بأن عليها الكفارة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، قال أبو داود: سنل أحمد عمن أتى أهله في رمضان، أعليها كفارة؟ قال: ما سمعنا أن على امرأة كفارة.
فعلِمَ من ذلك أن عليها القضاء فقط مع التوبة.
وإذا جامع زوجته نهاراً في رمضان مرة أو مرات في يوم واحد فعليه كفارة واحدة إذا كان لم يكفر عن الأولى، وإذا جامع في أيام متفرقات من رمضان نهاراً فعليه كفارات على عدد الأيام التي جامع فيها.
وإذا جامع الرجل زوجته في نهار رمضان وكان جاهلاً بالحكم فلا شيء عليه لأنه يعذر بجهله، وإذا جامع ناسيا أو مكرها فلا شيء عليه. لقوله سبحانه: { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما } ( الأحزاب : 5 ) . وقول الرسول ﷺ “: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه”. (حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما ).
وإذا جامع مخطئًا كأن جامع ظانا عدم طلوع الفجر ثم تبين أن الفجر قد طلع فعليه القضاء فقط.
أما الجماع في قضاء رمضان: فقد ذكر الإمام القرطبي في تفسيره:” أن جمهور العلماء ذهبوا إلى إثم فاعله، وأن عليه قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليه”. وقال العلامة ابن رشد في بداية المجتهد:” واتفق الجمهور على أنه ليس في الفطر عمدًا في قضاء رمضان كفارة؛ لأنه ليس له حرمة زمان الأداء، أعني رمضان”. اهـ.
والله أعلم،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
____________________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
و للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
و للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف